وكالة أنباء صدى أفغان (آوا) – كابول:
صرّح المحلل السياسي أحمد سعيدي في حوار مع وكالة آوا: «المفاوضات الأخيرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية في مدينة مسقط، عاصمة سلطنة عمان، تُعد من أهم الخطوات في السنوات الأخيرة، نظراً للظروف السياسية الراهنة والتطورات الإقليمية. وعلى الرغم من حديث الجانبين عن "تقدم إيجابي" عقب انتهاء المفاوضات، إلا أن التقييم الدقيق يتطلب الانتظار لمعرفة ما إذا كانت هذه المفاوضات ستفضي إلى نتائج ملموسة أم لا».
ما هي أسباب التفاؤل بالمفاوضات المقبلة؟
اعتبر السيد سعيدي وجود إرادة سياسية لدى الطرفين من الأسباب الأساسية للتفاؤل بنجاح المفاوضات، وقال: «كل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية أظهرتا رغبة في الحوار في ظل الظروف الحالية. إذ منحت إيران كامل الصلاحيات لسيد عباس عراقجي، وزير خارجيتها، فيما أوفدت الولايات المتحدة مبعوثاً خاصاً للرئيس الأمريكي، ستيف ويتكاف، ما يمثل مؤشراً على استعدادهما السياسي».
ورأى هذا الخبير في الشؤون السياسية أن الضغوط الداخلية والخارجية تُعد من الأسباب الأخرى للتفاؤل بشأن نجاح المفاوضات، وأضاف: «بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة والضغوط الناتجة عن العقوبات، تحتاج إيران إلى انفراجات على الساحة الدولية. ومن جهة أخرى، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل التحديات التي تواجهها في الشرق الأوسط وتنافسها مع الصين وروسيا، إلى إيجاد استقرار أكبر في المنطقة. ويمكن أن تشكل هذه العوامل أرضية لمسار تفاوضي أكثر إيجابية في المستقبل».
وأشار كذلك إلى الدور الوسيط المحايد والصادق الذي تلعبه سلطنة عمان باعتباره عاملاً آخر من عوامل التفاؤل بالمستقبل، وقال: «أظهرت سلطنة عمان مراراً قدرتها على لعب دور الوسيط المحايد. وقد ساعد هذا الدور الطرفين على العودة إلى طاولة الحوار بثقة أكبر».
العقبات الرئيسية وأسباب التشاؤم
وصف أحمد سعيدي انعدام الثقة العميق بين الطرفين كأحد أكبر العوائق أمام نجاح المفاوضات، وقال: «إن العداء الطويل، واغتيال اللواء قاسم سليماني، وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، واستمرار العقوبات، كلها عوامل زادت من مستوى انعدام الثقة بشكل كبير».
ويرى أيضاً أن «المطالب القصوى لدونالد ترامب قد تعرقل مسار المفاوضات، إذ تسعى الولايات المتحدة إلى القضاء على البرنامج الصاروخي وتقليص النفوذ الإقليمي لإيران، بينما تصر إيران على الحفاظ على قدراتها الدفاعية. وهذه المطالب يصعب التوفيق بينها».
ومن وجهة نظر هذا المحلل السياسي، فإن ضغوط بعض التيارات الداخلية في كلا البلدين قد تشكل أيضاً عائقاً أمام التوصل إلى اتفاق. وقال: «هناك تيارات في كلا البلدين غير راضية عن أي اتفاق محتمل».
وأضاف السيد سعيدي: «رغم أن هذه المفاوضات تُعد خطوة إيجابية، إلا أن الطريق نحو التوصل إلى اتفاق نهائي لا يزال طويلاً ومعقداً. وإذا لم تُرفع العقوبات الرئيسية، وإذا لم يكن الطرفان مستعدَين لتقديم تنازلات، فإن احتمال فشل المفاوضات يبقى مرتفعاً. ولكن، إذا استمر الحوار، فهناك احتمال للتوصل إلى اتفاق مؤقت أو مرحلي».
وفي ختام حديثه، شدّد على أن: «المفاوضات قد تثمر، ولكن فقط إذا كان الطرفان مستعدَين للتخلي عن جزء من مطالبهما مقابل مصالح أكبر مثل الاستقرار الإقليمي وتقليل الضغوط السياسية والاقتصادية».
الإرادة الحاسمة للطرفين قد تقود المفاوضات إلى نتيجة مرجوة
بدوره، صرّح الدكتور عبد العلي حسني، خبير العلاقات الدولية، في حوار مع وكالة آوا: «ما يمكن أن يقود المفاوضات إلى نتيجة مرجوة هو إرادة الجانبين للوصول إلى اتفاق؛ وهو ما يبدو أنه ظهر في الجلسة الأولى من المفاوضات بين إيران وأمريكا».
وبحسب السيد حسني: «رغم أن دونالد ترامب شخصية لا يمكن التنبؤ بها، إلا أنه أعلن مراراً عن رغبته في التوصل إلى اتفاق مع إيران».
وقال أيضاً: «من جانبها، أعلنت إيران عن استعدادها لحل القضايا عن طريق التفاوض، وهو ما يُعد مؤشراً إيجابياً في اتجاه خفض التوترات بين إيران وأمريكا وخطوة نحو الاستقرار في المنطقة».
وأكد السيد حسني كذلك أن: «دول المنطقة أيضاً تأمل في أن تثمر هذه المفاوضات وألا تنتهي إلى مواجهة عسكرية، لأن اندلاع الحرب لن يؤثر فقط على المنطقة، بل سيطال العالم بأسره بتداعياته».
وأعرب هذا الخبير في العلاقات الدولية عن اعتقاده بأن: «التوصل إلى اتفاق بين البلدين ممكن، على الرغم من الخلفية المتوترة للعلاقات بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية، مما يجعل من الصعب الإدلاء بتصريحات قاطعة في هذا الشأن».
وتابع قائلاً: «منطقة غرب آسيا منطقة استراتيجية وحساسة لم تعد تحتمل حرباً مدمرة أخرى. وتدرك الدول جيداً أنه إذا فشلت مفاوضات إيران وأمريكا، فإن الخيار التالي قد يكون المواجهة العسكرية، وهي مواجهة ستكون عواقبها المدمرة شاملة للمنطقة والعالم. ولهذا السبب، فإن العديد من دول المنطقة والعالم يطالبون بنجاح هذه المفاوضات».
واختتم حسني حديثه معرباً عن أمله في استمرار المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وأن تفضي إلى نتيجة مرضية، «لأن البديل سيكون مواجهة المنطقة لعواقب وخيمة».
الجولة الأولى من المفاوضات
إنعقدت الجولة الأولى من الحوار بين الوفدين الإيراني والأمريكي يوم السبت الماضي، 23 حمل (11 أبريل)، في مدينة مسقط، عاصمة سلطنة عمان. وبعد انتهاء المفاوضات التي استغرقت ساعتين ونصف، وصف سيد عباس عراقجي، وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أجواء الحوار بأنها «إيجابية ومحترمة». من جانبها، وصفت البيت الأبيض في بيان له هذه المفاوضات بأنها «بناءة ومبشرة»، معلناً عن استمرارها في المستقبل القريب.
المصدر: وكالة أنباء صدى أفغان (آوا) – كابول