وكالة افغان للأنباء (آوا) - كابل: قال الدكتور فضل الهادي وزين، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعضو أمانة منتدى كوالالمبور للفكر والحضارة، في مقابلة مع وكالة آوا، إن إيران وأفغانستان شعبان مسلمان شقيقان وجاران تربطهما روابط دينية وثقافية وتاريخية وحضارية عميقة، وقد عاشا جنباً إلى جنب لقرون، ومدّا يد العون لبعضهما البعض في أصعب الظروف.
وأضاف الدكتور وزين: "لقد استضافت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، خلال العقود الأربعة الماضية، ملايين المهاجرين الأفغان الذين لجأوا إليها بسبب الحرب وانعدام الأمن والمشاكل الاقتصادية. وهذه الاستضافة تعكس عمق الأخوة الإسلامية وكرامة الإنسان الإيراني، والشعب الأفغاني لطالما قدّر هذه الضيافة وشكرها."
وتابع قائلاً: "من ناحية أخرى، كان الشعب والحكومة الأفغانية دائماً إلى جانب الشعب الإيراني في اللحظات الحساسة، بما في ذلك دعم الجمهورية الإسلامية في حربها الأخيرة مع الكيان الصهيوني، وهذا دليل على التضامن الحقيقي بين الشعبين المسلمين."
وبحسب أقواله، "لقد ساهم أبناء المهاجرين الأفغان بشكل كبير في تطوير وإعادة بناء البنى التحتية الاقتصادية والعمرانية في إيران. من أعمال البناء إلى تنفيذ أصعب المهام بأقل الأجور، قدم هؤلاء المهاجرون خدماتهم بإخلاص واجتهاد ووفاء للمجتمع المضيف. ونسيان هذا الدور سيكون ظلماً تاريخياً."
وشدد الدكتور وزين على أن "الادعاءات الأخيرة بشأن استخدام بعض المواطنين الأفغان من قبل الكيان الصهيوني ضد مصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تتطلب تحقيقاً دقيقاً وموثقاً وعادلاً. ولكن لا يجوز أبداً أن تكون تصرفات أو انحرافات بعض الأفراد مبرراً للتعامل مع ملايين المهاجرين المستضعفين والعزل، فمثل هؤلاء الأفراد قد يوجدون في كل بلد، بما في ذلك إيران."
واعتبر أن عملية الترحيل القسرية والواسعة وغير القانونية والفوضوية للمواطنين الأفغان من إيران تصرف غير مناسب، وأكد قائلاً: "هذا العمل لا يتعارض فقط مع مبادئ الأخوة الإسلامية ومتطلبات حسن الجوار، بل يخالف أيضاً القواعد الأساسية لحقوق الإنسان والالتزامات الدولية للجمهورية الإسلامية الإيرانية."
وقال أيضاً: "إذا اعتُبرت إعادة المهاجرين الأفغان ضرورية، فيجب أن تتم عبر الطرق الرسمية، وبالتنسيق مع الحكومة المؤقتة في أفغانستان والمؤسسات الدولية، وبشكل تدريجي وإنساني وكريم. إن الترحيل الجماعي والمهين للمهاجرين لا يتعارض فقط مع الأخلاق الإسلامية، بل يخلّف آثاراً نفسية واجتماعية وسياسية وأمنية خطيرة على كلا البلدين."
وأكد عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: "هذه الظروف الصعبة ستمر، ولكن تداعيات هذه التصرفات ستبقى في الذاكرة التاريخية والمشاعر الجماعية للشعوب، وقد تُلقي بظلالها على علاقات البلدين في المستقبل."
وأعرب عن تقديره الصادق لتدابير وجهود الحكومة المؤقتة في أفغانستان لتوفير الظروف المناسبة لاستقبال المهاجرين العائدين، وقال: "نحن نؤمن أن استمرار هذه الجهود يتطلب دعماً داخلياً ودولياً."
ودعا هذا الخبير في الشؤون الإقليمية شعب أفغانستان إلى أن يتحلوا بالإحساس بالأخوة والمسؤولية، ويسارعوا لمساعدة إخوانهم وأخواتهم العائدين، ويساهموا في إعادة بناء حياتهم.
كما دعا جميع المؤسسات الدولية والمنظمات الخيرية والهيئات الحقوقية إلى تقديم مساعدات إنسانية عاجلة، بما في ذلك الغذاء والدواء ومياه الشرب والمأوى والخدمات الصحية الأساسية، لتقليل معاناة هذه الفئة الضعيفة.
وطالب الدكتور وزين حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بوقف عملية الترحيل القسري للمهاجرين الأفغان في ضوء العدالة الإسلامية، والاعتبارات الإنسانية، والمصالح الوطنية والإقليمية طويلة الأمد، واحترام العلاقات التاريخية بين الشعبين، وتهيئة الأرضية لمراجعة سياسات الهجرة بمشاركة المؤسسات الدولية وممثلي الحكومة المؤقتة في أفغانستان. وقال إن العقلانية، والتسامح، والتعاطف، واحترام الكرامة الإنسانية، يجب أن تكون نوراً مشتركاً يضيء طريقنا في هذه المرحلة الحساسة أكثر من أي وقت مضى.
وأعاد التأكيد قائلاً: "مع الاعتراض على عمليات الترحيل القسري للمهاجرين من إيران، لا ينبغي تجاهل الجذور العميقة والمزمنة للهجرة. استمرار هجرة الملايين من الأفغان خلال العقود الأربعة الماضية دليل واضح على فشل البُنى السياسية، وعدم تحقيق العدالة، وانعدام الأمن، وانتشار الفقر، وعدم المساواة المزمنة في البلاد. لا ينبغي أن تصبح هذه الظاهرة قدراً. لقد حان الوقت لتشكيل إرادة وطنية جادة لإنهاء هذه الحلقة المرة."
وفي الختام، قال الدكتور وزين: "نحن نحلم بمستقبل تكون فيه أفغانستان ليست نقطة للهجرة وترك الوطن، بل وجهة للعيش بكرامة وفرص وسلام وتقدم لكل مواطنيها. ولتحقيق هذا الحلم، تقع المسؤولية على عاتق الحكومة المؤقتة، والقوى السياسية، والعلماء، والمفكرين، والوجهاء، والنخب، وكل أبناء الشعب الأفغاني، بأن يضعوا خلافاتهم جانباً، ويفتحوا أبواب الحوار والتفاهم لتمهيد الطريق لإصلاحات واسعة وتحقيق العدالة والمشاركة، وتهيئة الظروف لعودة كريمة للمهاجرين، وبناء أفغانستان خالية من الهجرة، وطن يكون لكل أفغاني بيتاً وملجأ وفخراً، لا كابوس الغربة والتشريد."