سيد محمد موسوي
"بسم رب الشهداء"، بداية الحديث عن الخلود والوصول إلى اللانهاية. أولئك الذين فارقوا الأرض وصعدوا إلى السماء أحياءٌ يُرزقون عند ربهم الكريم. حديثنا نحن أهل الأرض عن هذه الحقيقة قليل وضعيف وممزوج بالتقصير، ولكن ذكراهم ومسيرتهم ستبقى خالدة إلى الأبد.
أكتب وأنا أعلم بتقصيري، لكن الحرب ستنتهي يومًا ما، وسيقع مرتكبو هذه الجرائم في التراب عاجلًا أم آجلًا. لكن ما سيبقى هو أمٌ عجوز تنتظر عودة ابنها الشهيد، وفتاةٌ حزينة تبحث عن حبيبها، وأطفالٌ أيتام يشتاقون إلى حضن والدهم البطل. لا أعلم من ارتكب هذه الجريمة اللاإنسانية، لكنني رأيت بأم عيني من دفع ثمنها.
قد لا نكون قادرين يومًا على القضاء على العنف بشكل كامل من أفكارنا وأقوالنا وأفعالنا، ولكن يجب علينا السعي إلى استئصاله. هذه مسؤولية لا يجوز لنا التغافل عنها، لأن العدو يسعى دائمًا إلى ترسيخ الوحشية والعنف داخل المجتمعات الإسلامية.
كان الهجوم الدموي في 20 حوت 1401 رمزًا للعداء الواضح ضد الوعي والأخوة في البلاد. لكن مثل هذه الهجمات لن تتمكن أبدًا من إطفاء نور حرية التعبير وحيوية القيم النبيلة لشعبنا. بل على العكس، لن تجلب هذه الجرائم لمرتكبيها سوى العار والفضيحة.
على الإرهابيين أن يدركوا أن سفك دماء الأبرياء لن يحقق لهم أهدافهم الشريرة أبدًا. وفي المقابل، يجب أن يكون شعبنا العزيز والمرهَق على درجة عالية من اليقظة، لأن العدو من خلال هذه الهجمات يسعى إلى زرع الفتنة وتقويض الوحدة والأخوة في البلاد. ومع ذلك، فإن الشعب والمراكز الثقافية، وخاصة المركز الثقافي الاجتماعي تبيان ووكالة آوا للأنباء، على دراية تامة بجذور ومصادر مؤامرات الأعداء، ولن يكونوا ضحايا لمكائدهم.
في جميع المجتمعات البشرية، هناك قيم تشكل أساس الثقافة الوطنية. فكل أمة ترى هويتها ووجودها الاجتماعي والسياسي في التمسك بهذه القيم ونقلها إلى الأجيال القادمة. بلدنا العزيز، أكثر من أي مكان آخر، يفخر بامتلاكه قيمًا إسلامية وإنسانية أصيلة وعالية لا يوجد لها نظير. ومن بين هذه القيم الخالدة، ثقافة الشهادة.
الشهادة هي أقوى سلاح بيد المسلمين في مواجهة الظلم والاضطهاد، وشهداء مركز تبيان ووكالة آوا للأنباء هم رمز ونموذج للمجاهدين الدينيين والثقافيين في البلاد. وما أروع ما قاله القرآن عن مقام الشهداء:
"وَلَا تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَٰتًۭا ۚ بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ".
وفي الختام، ومع إدانتنا الشديدة للهجوم الدموي الذي استهدف مكاتب مركز تبيان ووكالة آوا للأنباء في محافظة بلخ بتاريخ 20 حوت 1401، أختم هذه المقالة بعدد من الأبيات الشعرية المهداة إلى أبطالنا الراقدين في التراب:(الترجمة من الفارسية)
نحن من رفعنا الصدور واستقبلنا الرصاص
كل ما تكلمنا عنه، هم وحدهم قد أبصروه
كنا ندّعي أننا في الصفوف الأولى
لكنهم اصطفّوا الشهداء من آخر المجلس
المصدر: وكالة صداي أفغان للأنباء (آوا) – مزار شريف