سيد حامد أميني
شهدت الأسابيع الأخيرة تصاعدًا حادًا في التوترات السياسية والعسكرية بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبعد عودته إلى السلطة، أعاد إحياء سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران، وهدد في تصريحاته الأخيرة بأنه إذا لم تقبل إيران الشروط الجديدة للمفاوضات ولم تُفضِ تلك المفاوضات إلى نتيجة، فإن خيار الهجوم العسكري سيكون مطروحًا على الطاولة. كما صرّح ترامب بأن في هذا الهجوم سيتولى الكيان الصهيوني، العدو الدموي لفلسطين وإيران وجميع الدول الإسلامية، دور "القيادة".
وفي هذا السياق، نشرت الولايات المتحدة قاذفات B-2 الاستراتيجية في قاعدة دييغو غارسيا العسكرية، والتي اعتبرها وزير الدفاع الأمريكي رسالة مباشرة إلى طهران.
في ظل هذه الأوضاع، فإن احتمالية اندلاع نزاع عسكري لا تهدد إيران وحدها، بل تشمل كامل منطقة غرب آسيا، خصوصًا أفغانستان التي تشترك مع إيران بحدود طويلة، ولها معها علاقات اقتصادية وبشرية متينة. ويتناول هذا التقرير أبعاد هذه الأزمة وتأثيراتها المحتملة على أفغانستان.
1- دور وتدخلات أمريكا في الشؤون الداخلية لإيران قبل وبعد الثورة الإسلامية
تدخلت الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية لإيران منذ عقود. بدءًا من انقلاب 28 مرداد 1332 (1953) ضد حكومة الدكتور مصدق بدعم مباشر من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، ومرورًا بدعم نظام الشاه وقمع المعارضة، كانت سياسات أمريكا تهدف دائمًا إلى فرض نفوذها داخل إيران. وبعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، تدخلت أمريكا مرات عديدة في شؤون إيران من خلال العقوبات الاقتصادية، الهجمات السيبرانية، اغتيال العلماء النوويين، ودعم الجماعات المعارضة.
2- تحليل الوضع الراهن وإدانة السياسات الاستكبارية الأمريكية في الدول الإسلامية
السياسات الخارجية الأمريكية في العالم الإسلامي غالبًا ما تُقابل بردود فعل سلبية. فالتواجد العسكري، والعقوبات الأحادية، ودعم الأنظمة القمعية والكيان الصهيوني، والهجمات المباشرة على الدول الإسلامية، كلها رسمت صورة استعمارية للولايات المتحدة. وتشكل سياسات ترامب تجاه إيران، واليمن، وفلسطين، وحتى أفغانستان، نماذج واضحة على سلوك أمريكا غير المتوازن في المنطقة.
3- العلاقات الأمريكية – الصهيونية والضغط المنسّق على إيران
منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، تعززت العلاقات بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بشكل متزايد، لتُشكّل تحالفًا استراتيجيًا في مواجهة إيران. خاصة في عهد ترامب، زادت أمريكا من الضغوط السياسية والاقتصادية على إيران، وفرضت عليها عقوبات واسعة النطاق.
من جهته، لعب الكيان الصهيوني دور الذراع العسكري والاستخباراتي للولايات المتحدة في المنطقة، خاصة في مجال الهجمات السيبرانية، واغتيال العلماء النوويين، ودعم الجماعات الإرهابية المعادية لإيران.
وقد برز هذا التعاون في مشاريع أمنية إقليمية ضد إيران، لا سيما في المجالات النووية والعسكرية والاستخباراتية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الهجمات المتكررة على غزة ولبنان وسوريا، بهدف إضعاف محور المقاومة وتقليص الدعم الإيراني في تلك المناطق، تُعد جزءًا من الاستراتيجية المنسقة بين واشنطن وتل أبيب.
وبعد عملية "طوفان الأقصى" خلال العامين الماضيين، والتي وجهت خلالها الفصائل الفلسطينية بقيادة حماس ضربة موجعة للكيان الصهيوني، زادت تعقيدات الوضع الإقليمي. وفي هذا السياق، دعمت الولايات المتحدة بشكل علني الجرائم الصهيونية، وواصلت دعمها المالي والعسكري الواسع للكيان، مما جعلها شريكًا مباشرًا بل ومسؤولًا رئيسيًا عن الجرائم المرتكبة في غزة ولبنان واليمن وسوريا، فضلًا عن الضغوط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ورغم أن هذه الضغوط قد تُحقق بعض أهداف الغرب على المدى القصير، إلا أنها تُهدد استقرار المنطقة بأكملها، وخاصة أفغانستان، حيث سيؤدي اضطراب الأمن في إيران، خاصة في حال اندلاع الحرب، إلى زعزعة استقرار المنطقة، وزيادة موجات الهجرة، وانتعاش الجماعات الإرهابية، وهو ما يُشكل تهديدًا جديًا لأمن واقتصاد دول المنطقة، وعلى رأسها أفغانستان.
4- تأثير التدخلات والحروب الأمريكية على أفغانستان
خلال عشرين عامًا من الاحتلال الأمريكي، كانت أفغانستان مسرحًا للدمار الشامل، ونمو الإرهاب، وتدمير البنية التحتية، وتآكل السيادة السياسية. لم يُحقق التواجد العسكري الأمريكي السلام، بل زاد من العنف، والفساد، وهجرة المواطنين على نطاق واسع.
واليوم أيضًا، فإن تصاعد التوتر بين إيران وأمريكا يمكن أن يُعيد أفغانستان إلى دائرة عدم الاستقرار الإقليمي، خصوصًا إذا استُخدمت أراضيها في العمليات العسكرية أو تأثرت بقوافل المهاجرين أو المتطرفين.
5- الآثار السلبية للوجود الأمريكي في دول أخرى (مثل العراق وليبيا)
تُظهر تجارب العراق وليبيا أن التدخلات العسكرية الأمريكية، وإن جاءت بشعارات "نشر الديمقراطية"، أدت في الواقع إلى انهيار الأنظمة، ونمو الجماعات المتطرفة، وتدمير البنية التحتية، وازدياد معدلات انعدام الأمن.
الوضع الحالي في هذين البلدين يُظهر فشل الاستراتيجيات الأمريكية العسكرية والأحادية الجانب، وهو جرس إنذار لدول الجوار الإيراني، وعلى رأسها أفغانستان.
6- أهمية أمن إيران في النمو الاقتصادي والتنمية الإقليمية، خاصة أفغانستان
تُعد إيران جارًا استراتيجيًا لأفغانستان، وتشكل ممرًا حيويًا لتجارة السلع والطاقة والعمالة الأفغانية. في عام 1403 (2024م)، بلغ حجم التبادل التجاري بين إيران وأفغانستان أكثر من 3.3 مليار دولار، بزيادة كبيرة عن العام السابق. كما تضاعفت صادرات أفغانستان إلى إيران.
اضطراب الأمن في إيران سيؤدي إلى غلق الطرق التجارية، وارتفاع تكاليف الاستيراد، وزيادة الضغوط على المواطنين والاقتصاد الأفغاني. كما أن موجة جديدة من الهجرة، وأزمة أمنية على الحدود، وبيئة اجتماعية غير مستقرة، ستكون من النتائج المحتملة الأخرى.
الخاتمة
إن احتمال نشوب حرب بين أمريكا وإيران في عام 2025 يُشكل تهديدًا جديًا للاستقرار الإقليمي. وبسبب الجوار الجغرافي، والعلاقات الاقتصادية، والتجارب التاريخية، فإن أفغانستان أكثر عرضة من غيرها لهذا الخطر.
تُظهر تجارب العراق، وليبيا، وحتى أفغانستان نفسها تحت الاحتلال الأمريكي، أن الحروب لا تجلب سوى الفوضى، والفقر، والانهيار الاجتماعي. لذلك، فإن أمن واستقرار إيران لا يخص شعبها فحسب، بل يُعد أمرًا حيويًا لمجمل المنطقة، وخاصة أفغانستان. ومن هنا، ينبغي أن تكون أولوية صانعي السياسات الإقليميين هي الحفاظ على السلام، وتجنب التصعيد، ودعم الحلول الدبلوماسية.
شهدت الأسابيع الأخيرة تصاعدًا حادًا في التوترات السياسية والعسكرية بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبعد عودته إلى السلطة، أعاد إحياء سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران، وهدد في تصريحاته الأخيرة بأنه إذا لم تقبل إيران الشروط الجديدة للمفاوضات ولم تُفضِ تلك المفاوضات إلى نتيجة، فإن خيار الهجوم العسكري سيكون مطروحًا على الطاولة. كما صرّح ترامب بأن في هذا الهجوم سيتولى الكيان الصهيوني، العدو الدموي لفلسطين وإيران وجميع الدول الإسلامية، دور "القيادة".
وفي هذا السياق، نشرت الولايات المتحدة قاذفات B-2 الاستراتيجية في قاعدة دييغو غارسيا العسكرية، والتي اعتبرها وزير الدفاع الأمريكي رسالة مباشرة إلى طهران.
في ظل هذه الأوضاع، فإن احتمالية اندلاع نزاع عسكري لا تهدد إيران وحدها، بل تشمل كامل منطقة غرب آسيا، خصوصًا أفغانستان التي تشترك مع إيران بحدود طويلة، ولها معها علاقات اقتصادية وبشرية متينة. ويتناول هذا التقرير أبعاد هذه الأزمة وتأثيراتها المحتملة على أفغانستان.
1- دور وتدخلات أمريكا في الشؤون الداخلية لإيران قبل وبعد الثورة الإسلامية
تدخلت الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية لإيران منذ عقود. بدءًا من انقلاب 28 مرداد 1332 (1953) ضد حكومة الدكتور مصدق بدعم مباشر من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، ومرورًا بدعم نظام الشاه وقمع المعارضة، كانت سياسات أمريكا تهدف دائمًا إلى فرض نفوذها داخل إيران. وبعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، تدخلت أمريكا مرات عديدة في شؤون إيران من خلال العقوبات الاقتصادية، الهجمات السيبرانية، اغتيال العلماء النوويين، ودعم الجماعات المعارضة.
2- تحليل الوضع الراهن وإدانة السياسات الاستكبارية الأمريكية في الدول الإسلامية
السياسات الخارجية الأمريكية في العالم الإسلامي غالبًا ما تُقابل بردود فعل سلبية. فالتواجد العسكري، والعقوبات الأحادية، ودعم الأنظمة القمعية والكيان الصهيوني، والهجمات المباشرة على الدول الإسلامية، كلها رسمت صورة استعمارية للولايات المتحدة. وتشكل سياسات ترامب تجاه إيران، واليمن، وفلسطين، وحتى أفغانستان، نماذج واضحة على سلوك أمريكا غير المتوازن في المنطقة.
3- العلاقات الأمريكية – الصهيونية والضغط المنسّق على إيران
منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، تعززت العلاقات بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بشكل متزايد، لتُشكّل تحالفًا استراتيجيًا في مواجهة إيران. خاصة في عهد ترامب، زادت أمريكا من الضغوط السياسية والاقتصادية على إيران، وفرضت عليها عقوبات واسعة النطاق.
من جهته، لعب الكيان الصهيوني دور الذراع العسكري والاستخباراتي للولايات المتحدة في المنطقة، خاصة في مجال الهجمات السيبرانية، واغتيال العلماء النوويين، ودعم الجماعات الإرهابية المعادية لإيران.
وقد برز هذا التعاون في مشاريع أمنية إقليمية ضد إيران، لا سيما في المجالات النووية والعسكرية والاستخباراتية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الهجمات المتكررة على غزة ولبنان وسوريا، بهدف إضعاف محور المقاومة وتقليص الدعم الإيراني في تلك المناطق، تُعد جزءًا من الاستراتيجية المنسقة بين واشنطن وتل أبيب.
وبعد عملية "طوفان الأقصى" خلال العامين الماضيين، والتي وجهت خلالها الفصائل الفلسطينية بقيادة حماس ضربة موجعة للكيان الصهيوني، زادت تعقيدات الوضع الإقليمي. وفي هذا السياق، دعمت الولايات المتحدة بشكل علني الجرائم الصهيونية، وواصلت دعمها المالي والعسكري الواسع للكيان، مما جعلها شريكًا مباشرًا بل ومسؤولًا رئيسيًا عن الجرائم المرتكبة في غزة ولبنان واليمن وسوريا، فضلًا عن الضغوط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ورغم أن هذه الضغوط قد تُحقق بعض أهداف الغرب على المدى القصير، إلا أنها تُهدد استقرار المنطقة بأكملها، وخاصة أفغانستان، حيث سيؤدي اضطراب الأمن في إيران، خاصة في حال اندلاع الحرب، إلى زعزعة استقرار المنطقة، وزيادة موجات الهجرة، وانتعاش الجماعات الإرهابية، وهو ما يُشكل تهديدًا جديًا لأمن واقتصاد دول المنطقة، وعلى رأسها أفغانستان.
4- تأثير التدخلات والحروب الأمريكية على أفغانستان
خلال عشرين عامًا من الاحتلال الأمريكي، كانت أفغانستان مسرحًا للدمار الشامل، ونمو الإرهاب، وتدمير البنية التحتية، وتآكل السيادة السياسية. لم يُحقق التواجد العسكري الأمريكي السلام، بل زاد من العنف، والفساد، وهجرة المواطنين على نطاق واسع.
واليوم أيضًا، فإن تصاعد التوتر بين إيران وأمريكا يمكن أن يُعيد أفغانستان إلى دائرة عدم الاستقرار الإقليمي، خصوصًا إذا استُخدمت أراضيها في العمليات العسكرية أو تأثرت بقوافل المهاجرين أو المتطرفين.
5- الآثار السلبية للوجود الأمريكي في دول أخرى (مثل العراق وليبيا)
تُظهر تجارب العراق وليبيا أن التدخلات العسكرية الأمريكية، وإن جاءت بشعارات "نشر الديمقراطية"، أدت في الواقع إلى انهيار الأنظمة، ونمو الجماعات المتطرفة، وتدمير البنية التحتية، وازدياد معدلات انعدام الأمن.
الوضع الحالي في هذين البلدين يُظهر فشل الاستراتيجيات الأمريكية العسكرية والأحادية الجانب، وهو جرس إنذار لدول الجوار الإيراني، وعلى رأسها أفغانستان.
6- أهمية أمن إيران في النمو الاقتصادي والتنمية الإقليمية، خاصة أفغانستان
تُعد إيران جارًا استراتيجيًا لأفغانستان، وتشكل ممرًا حيويًا لتجارة السلع والطاقة والعمالة الأفغانية. في عام 1403 (2024م)، بلغ حجم التبادل التجاري بين إيران وأفغانستان أكثر من 3.3 مليار دولار، بزيادة كبيرة عن العام السابق. كما تضاعفت صادرات أفغانستان إلى إيران.
اضطراب الأمن في إيران سيؤدي إلى غلق الطرق التجارية، وارتفاع تكاليف الاستيراد، وزيادة الضغوط على المواطنين والاقتصاد الأفغاني. كما أن موجة جديدة من الهجرة، وأزمة أمنية على الحدود، وبيئة اجتماعية غير مستقرة، ستكون من النتائج المحتملة الأخرى.
الخاتمة
إن احتمال نشوب حرب بين أمريكا وإيران في عام 2025 يُشكل تهديدًا جديًا للاستقرار الإقليمي. وبسبب الجوار الجغرافي، والعلاقات الاقتصادية، والتجارب التاريخية، فإن أفغانستان أكثر عرضة من غيرها لهذا الخطر.
تُظهر تجارب العراق، وليبيا، وحتى أفغانستان نفسها تحت الاحتلال الأمريكي، أن الحروب لا تجلب سوى الفوضى، والفقر، والانهيار الاجتماعي. لذلك، فإن أمن واستقرار إيران لا يخص شعبها فحسب، بل يُعد أمرًا حيويًا لمجمل المنطقة، وخاصة أفغانستان. ومن هنا، ينبغي أن تكون أولوية صانعي السياسات الإقليميين هي الحفاظ على السلام، وتجنب التصعيد، ودعم الحلول الدبلوماسية.