تاريخ النشرالثلاثاء 15 أبريل 2025 ساعة 14:02
رقم : 312822

نظرة إلى المهاجرين الأفغان في إيران: أمنية أم قائمة على الفرص؟​

​نظرة إلى التصريحات الأخيرة لرئيس مركز شؤون الأجانب والمهاجرين بوزارة الداخلية الإيرانية
نظرة إلى المهاجرين الأفغان في إيران: أمنية أم قائمة على الفرص؟​
رضا عطائي*
لطالما كان وجود المهاجرين والأجانب في إيران من القضايا المعقدة والمثيرة للتحديات في مجال السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وقد أدى غياب نهج سياسي محدد في هذا المجال إلى التركيز على الآثار السلبية لوجود المهاجرين من قبل المجتمع والحكومة الإيرانية.​
تجلى هذا الأمر بوضوح في موجة الهجرة الأخيرة للأفغان إلى إيران بعد سقوط كابل (أغسطس 2021)، حيث شهدنا في السنوات الأخيرة تصاعد موجات الخوف من المهاجرين والعداء تجاههم في الرأي العام ووسائل الإعلام.​
في مقابلة حديثة مع السيد نادر ياراحمدي، مستشار وزير الداخلية ورئيس مركز شؤون الأجانب والمهاجرين في الوزارة، ضمن برنامج "الحوار الخاص" على قناة الأخبار (6 أبريل 2025)، تناول الوضع الحالي للمهاجرين والتحديات والحلول الممكنة. في هذا المقال، سنستعرض نقاط القوة والضعف في تصريحاته ونقيم نتائجها.​
إذا كنت ترغب في متابعة الترجمة، يُرجى إعلامي بذلك، وسأواصل تقديم الأجزاء المتبقية.

نقاط القوة في تصريحات ياراحمدي حول وضع المهاجرين:
1- التفكيك الإحصائي والتوضيح الرقمي:

من أهم القضايا التي استُغلت في السنوات الأخيرة من قِبل التيارات المعادية للمهاجرين والمروّجة للخوف منهم، قضية أعداد وجمعيات المهاجرين في إيران، ما أثار تشويشاً واسعاً في الرأي العام. وقد أشار السيد ياراحمدي، باعتباره المسؤول المعني بهذا المجال، مباشرةً إلى هذه القضية في البرنامج الحواري، وسعى إلى توضيح هذه النقطة عبر تقديم تفصيل لأنواع وجود المهاجرين وأعدادهم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ومن هذا المنطلق، فإن من النقاط الإيجابية في تصريحاته كان التركيز على الإحصائيات والتوضيح الشفاف. ووفقاً لتصريحه، فإن هناك حوالي ستة ملايين من المهاجرين والأجانب الأفغان في إيران، من بينهم حوالي مليونين إلى مليونين ونصف غير قانونيين، والبقية يتوزعون على نوعين من الوضعيات القانونية:
  • أجانب قانونيون (يشمل حاملي بطاقة "آمایش" أو اللاجئين المسجلين وعددهم 771,624 شخصًا، بالإضافة إلى حاملي الجوازات الأسرية وعددهم 270,970 شخصًا)،
    وأجانب شبه قانونيين (يشمل من شملتهم عملية "الإحصاء" ويبلغ عددهم 2,034,000 شخص).
وقد أشار السيد ياراحمدي إلى أن أكثر من ثلاثة ملايين من الأفغان دخلوا إيران بعد سقوط النظام السياسي السابق في كابل (أغسطس 2021)، وأن بعضهم شارك في خطة "الإحصاء" أو "الإفصاح الذاتي"، فيما أُعيد البعض الآخر إلى أفغانستان ضمن حملات "جمع الأجانب غير القانونيين". ووفقاً لتصريحه، فقد تم ترحيل مليون و193 ألفاً و943 شخصاً إلى أفغانستان خلال عام 1403 (2024-2025).
إن هذا التوضيح الإحصائي يُعد ضرورياً لتنوير الرأي العام ولمواجهة التيارات المعادية للمهاجرين، والتي دأبت على تضخيم الأرقام ونشر معلومات غير دقيقة، إذ تحدث البعض عن وجود 15 إلى 20 مليون مهاجر أفغاني في إيران، وللأسف صدرت مثل هذه التصريحات أحياناً من شخصيات رسمية كأعضاء في البرلمان، في حين أن تصريح ياراحمدي، كأعلى مسؤول في هذا المجال، يُؤكد أن تلك الأرقام لا صحة لها.
كما أشار أيضاً إلى أنه تم إعداد برامج خاصة لكل من المهاجرين القانونيين وشبه القانونيين بحسب احتياجات إيران، وأن هذا النهج يمكن أن يسهم في تنظيم وجود المهاجرين بشكل مُخطط ومدروس، ويقلل من التصورات الخاطئة حيالهم.
هل تود أن أتابع في ترجمة بقية المقال؟

۲- الاهتمام بالاتفاقيات القانونية الدولية
في جزء من تصريحاته، أشار السيد ياراحمدي إلى انضمام إيران إلى اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وما يترتب عليها من التزامات. هذه الإشارة تعكس التزام إيران بمراعاة حقوق الإنسان ودعم الأشخاص الذين اضطروا إلى مغادرة بلادهم لأسباب مختلفة ولجأوا إلى إيران.
إن تسليط الضوء على هذه النقطة من قبل مسؤول رسمي في شؤون الأجانب والمهاجرين، وخاصة في ظل الخطاب العالمي طويل الأمد القائم على "تخويف العالم من إيران" والذي طالما جعل من موضوع اللاجئين الأفغان في إيران مادة إعلامية، يمكن أن يساهم في تحسين صورة إيران على الساحة الدولية وتعزيز علاقاتها مع المنظمات العالمية.
۳- السعي لتنظيم الوضع
أشار السيد ياراحمدي إلى الجهود المبذولة لتنظيم وضع الأجانب وتأسيس "المنظمة الوطنية للهجرة"، وهي خطوة يمكن أن تساهم في تحسين الوضع وتقديم خدمات أفضل للمهاجرين، والاستفادة المثلى من طاقاتهم وإمكاناتهم، كما تعكس إرادة الحكومة والدولة الإيرانية في إدارة وجود المهاجرين بشكل منهجي ومنظم.

نقاط الضعف في تصريحات السيد ياراحمدي حول وضع المهاجرين:
۱- غياب برنامج واضح لمواجهة حملات التخويف من المهاجرين
من العوامل التي حولت وجود المهاجرين الأفغان في إيران إلى "قضية اجتماعية-سياسية" وأدت إلى تعاطي أمني مع هذه المسألة، بروز موجات من "الخوف من المهاجرين" و"العداء لهم" انعكست حتى في الحملات الانتخابية للمرشحين الرئاسيين في انتخابات 1403 (2025).
هذه الموجات أثرت في الرأي العام بشكل جعلها تترك ظلالها ليس فقط على المجتمع المضيف والمجتمع المهاجر، بل على مستوى العلاقات بين إيران وأفغانستان أيضاً.
كان من المتوقع من مستشار الوزير ورئيس مركز شؤون الأجانب والمهاجرين في وزارة الداخلية أن يخصص جزءًا من حديثه في البرنامج لتقديم تحليل شامل ومانع لهذه الظاهرة. لكننا لاحظنا أن مقدم البرنامج طرح مرتين سؤالًا صريحًا (بالمعنى) مفاده: "ما هو برنامج إدارة شؤون الأجانب لمواجهة الحملات المعادية للمهاجرين؟"، وفي كل مرة كانت إجابة السيد ياراحمدي سطحية وغير كافية، مما يدل على عدم وجود إرادة جدية للتصدي لهذه الموجات.
۲- غياب الحلول التنفيذية الواضحة
رغم إشارته إلى التحديات التي تواجه وجود المهاجرين الأفغان، إلا أن السيد ياراحمدي لم يقدم في كثير من المواضع حلولًا عملية ومحددة، بل اكتفى بالإشارة إلى ضرورة تحرك الهيئات الحاكمة الأخرى، مثل البرلمان، لإقرار قانون "المنظمة الوطنية للهجرة"، مما بدا وكأنه تهرب من معالجة جوهر القضية.
كما أنه لم يوضح كيف ستكون عملية تنظيم أو تقنين أو دمج المهاجرين بحيث تكون رابحة لكل من إيران والمهاجرين على حد سواء. وعلى الرغم من تمييزه بين المهاجرين القانونيين وشبه القانونيين، إلا أنه لم يدلِ بأي تصريح واضح بخصوص السياسة المتبعة تجاه المهاجرين القانونيين، أو ما ينبغي أن تكون عليه.
إننا نواجه اليوم، شئنا أم أبينا، الجيل الثاني والثالث من المهاجرين الأفغان الذين وُلدوا وترعرعوا في إيران، والذين يدخلون ضمن تصنيف "الأجانب القانونيين" حسب تفصيل السيد ياراحمدي، لكن لا توجد أي سياسة أو رؤية واضحة تخصهم. فهل يُفترض أن يندمج هؤلاء اندماجًا حقوقيًا وهويّاتيًا بعد اندماجهم الاجتماعي؟ أم أنهم سيبقون في "برزخ الهوية"؟
۳- استمرار النظرة الأمنية للمهاجرين
رغم التأكيد المتكرر من السيد ياراحمدي على تبنّي مقاربة غير أمنية تجاه المهاجرين، إلا أن بعض أجزاء تصريحاته لا تزال تعكس غلبة النظرة الأمنية على قضايا المهاجرين، مما يدل على تفوق المنهج التهديدي على المنهج الفرصي في التعامل مع وجود المهاجرين.
كما ذُكر سابقًا، فإن أحد مظاهر هذه النظرة هو عدم تقديمه ردًّا شفافًا ومقنعًا إزاء الحملات المعادية للمهاجرين. وحتى لو افترضنا عدم وجود تلك النظرة، فإن غياب خطاب متقدم في حديثه بشأن الاستفادة من قدرات وطاقات المهاجرين، والذي يُفترض أن يعكس منهجًا "فرصتيًا"، لم يكن حاضرًا بشكل واضح في تصريحاته.
هذا الأمر يعيد إلى الأذهان المنهج الثابت في وزارة الداخلية أو إدارة شؤون الأجانب، وهو التعامل مع المهاجرين من منظور أمني وتهديدي. كاتب هذا المقال يأمل أن لا يكون الأمر كذلك، لكن حتى إن افترضنا -جدلًا- أن الأمور ليست كذلك، فإن مجرد إعطاء المتلقي انطباعًا بوجود هذه المقاربة، قد يفاقم المشاعر السلبية وحملات التخويف من المهاجرين داخل المجتمع الإيراني.
٤ـ التناقض في تقييم القدرة الاستيعابية
صرّح السيد ياراحمدي أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تملك القدرة على استيعاب ستة ملايين مهاجر أفغاني (سواء كانوا قانونيين، أو غير قانونيين، أو شبه قانونيين)، في حين أن القائد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران قد ذكر في السياسات العامة أن البلاد لديها القدرة على استيعاب ما يصل إلى ١٢٠ مليون نسمة.
هذا التناقض يثير الشكوك بشأن قدرة الدولة الإيرانية على إدارة الهجرة وتقييم طاقاتها بشكل صحيح، وقد يعكس أيضًا ما ذُكر سابقًا من أن النظرة السائدة تجاه المهاجرين لا تزال نظرة "تهديدية" بدل أن تكون "فرصتية".
الخلاصة
إن ظهور السيد ياراحمدي، مستشار وزير الداخلية ورئيس مركز شؤون الأجانب والمهاجرين، في برنامج "الحوار الإخباري الخاص" يشير إلى وجود جهود حكومية لتنظيم وضع الأجانب في البلاد، وهو أمر يستحق التقدير، خاصةً في ظل الآثار السلبية الناتجة عن موجات التخويف من المهاجرين، ومن منطلق ضرورة توعية الرأي العام.
ومع ذلك، فإن الوصول إلى إدارة فعّالة وإنسانية لهذا الملف يتطلب مزيدًا من الشفافية في تقديم المعلومات، وطرح حلول عملية، والاهتمام برأي كل من المهاجرين والمجتمع المضيف. إن المقاربة الإنسانية والحقوقية للهجرة من شأنها أن تعزز التماسك الاجتماعي وتقلل من التوترات، مما سينعكس إيجابًا على الوضعين الاقتصادي والثقافي في إيران، ويخدم المصالح الوطنية العليا، فضلًا عن كونه عنصرًا حاسمًا في تعزيز وتوسيع العلاقات والتفاعلات بين إيران وأفغانستان.

رضا عطايي، حاصل على الماجستير في الدراسات الإقليمية من جامعة طهران وأمين اللجنة الاجتماعية ـ السياسية في جمعية راحل
https://avapress.com/vdchiinxi23nz6d.4tt2.html
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني