إلى أين وصلت مفاوضات مسقط؟ ولماذا تمّ تأجيلها؟ وكيف يبدو مستقبل الحوار النووي بين إيران والولايات المتحدة؟
في ظل تطورات متسارعة على الساحتين الإقليمية والدولية، يشهد العالم تحولات كبرى بوتيرة غير مسبوقة، حتى ليبدو أنّ ما حدث في العام الأخير وحده يعادل ما جرى في العقود الماضية مجتمعة.
وفي سياق هذه التحولات، أدّت التوترات المتصاعدة بين جبهة المقاومة والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة وذراعها العسكري الصهيوني في غرب آسيا، إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار بين "حزب الله" والكيان الصهيوني، وذلك بضمانة أميركية فرنسية. لكن في الواقع، فإن الكيان الصهيوني، عبر غاراته الجوية المتكررة على الأراضي اللبنانية، لم يُبدِ أي التزام فعلي بهذا الاتفاق.
على المستوى الأوسع، وبينما كانت التهديدات العسكرية الأميركية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، باعتبارها محور جبهة المقاومة، في أوجها، طُرحت في الوقت ذاته مسألة الاستعداد للحوار حول الملف النووي. وعلى هذا الأساس، عقدت الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن بوساطة سلطنة عُمان في العاصمة مسقط، فيما جرت الجولة الثانية في العاصمة الإيطالية روما، ويبدو أنها جاءت بإصرار أميركي.
وعقب هذه الجولة، عبّر الطرفان عن تفاؤلهما، وأُعلن أنه سيتم عقد لقاء غير مباشر جديد بين الفرق الفنية من الجانبين في مسقط بعد أربعة أيام، أي يوم الأربعاء من الأسبوع نفسه، إلا أنّ هذا اللقاء تم تأجيله.
ومع ذلك، جرى يوم السبت التالي عقد لقاءات بين الفرق الفنية وكبار المسؤولين من كلا الجانبين في مسقط. لكن هذه المرة، وعلى عكس الجولات السابقة، غاب التصريح بأي تفاؤل، ما يدلّ على أن الطرفين ناقشا قضايا وتفاصيل حساسة تتطلب دراسة معمقة ومراعاة الخطوط الحمراء لكل طرف.
من الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة فرضت، خلال هذه المفاوضات غير المباشرة، حزمة جديدة من العقوبات على إيران، فيما عبّر بعض المسؤولين الأميركيين عن مواقف مناقضة لمسار الحوار.
وعقب الجولة الثالثة من المحادثات في مسقط، بدا واضحاً أن المفاوضات دخلت مرحلة من التأجيل غير المحدود. وفي هذا السياق، نشر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب منشورًا عبر منصته الخاصة، قال فيه:
"تحذير: يجب إيقاف جميع مشتريات النفط أو المنتجات البتروكيميائية الإيرانية فورًا!
أي دولة أو جهة تشتري من إيران ستخضع فورًا للعقوبات الثانوية.
لن يُسمح لهم بأي نوع من التعامل التجاري مع الولايات المتحدة.
شكرًا لتفهمكم.
- الرئيس دونالد جي. ترامب"
وبالنظر إلى مجمل التطورات، من تحركات واشنطن في سوريا، إلى المواجهات بين الدروز وقوات "الجولاني"، وقصف النظام الصهيوني لمواقع قرب القصر الرئاسي السوري، يبدو أن الجانب الأميركي يفتقر إلى الاستقرار في موقفه التفاوضي. إذ لا تسعى واشنطن إلى تفاهم حقيقي، بقدر ما تهدف إلى تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل أو الحصول على وصول مباشر وشامل إلى مواقع التخصيب ومخازن المواد النووية.
هذه العوامل، بلا شك، تلقي بظلالها الثقيلة على مسار المفاوضات. ومع ذلك، فإنّ الجانب الإيراني يؤكد التزامه بمبادئ الحوار، بما في ذلك اعتماد نهج عادل والامتناع عن المطالب غير المنطقية، منتظرًا إعلان سلطنة عمان عن موعد الجولة القادمة من المحادثات.
"ولكن، نظراً إلى تصريحات بعض المسؤولين الأميركيين، وتصريحات مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، بشأن 'غموض أهداف إيران من التخصيب ورفضها السماح بالوصول إلى بعض المواقع'، فإنّ مستقبل هذه المفاوضات لا يبدو واضحاً، والتوصّل إلى نتائج ملموسة يبدو بالغ الصعوبة."